رحلتي من العمر (الهند)
أحمد خطيب- الثامن 4

رحلتي من العمر

"الهند"

مرحبا كيف حالكم يا أصدقائي؟ اليوم سأروي لكم تفاصيلا …عن رحلتي الى "كوكب الهند "… كوكب الغرابة والأشياء المدهشة التي لا تصدقها عين رات ولا أذن سمعت، كوكب الكفر والديانات العجيبة… المعابد المذهلة الضخمة، واحدة من عجائب الدنيا السبع، جبال الهملايا الشاهقة التي تحبس الأنفاس بمجرد النظر اليها … كل هذا وأكثر ستعرفون تفاصيله عندما تقرأون عن رحلتي الى كوكب الهند.

مناقشة وحوار حول الرحلة

 بدأ الأمر في إحدى أمسياتنا الجميلة في بيت دار خالي حين كنا نخطط لرحلة إلى دولة جميلة نزورها ونقضي بها الوقت في العطلة الصيفية، كل واحد منّا يقترح أمرا ونناقشه سويا لنعرف إن كان خيارا موفقا أم لا، هنالك من قال فرنسا، اسبانيا، البرتغال وغيرها الكثير… إلا أنّ زوجة خالي والمعروف عنها انها امرأة ملمة ومثقفة فلماذا لا تتكلم؟

واستمر الحال هكذا ولم تنبس ببنت شفة  فقد كانت تفكر بعمق لدرجة أنها لم تكن تسمعنا ماذا نقول، إلى أن قاطع حبل افكارها خالي وقال لها باستغراب: – ما بالك لا تتكلمين؟ هل تعانين من شيء؟

قالت وهي مترددة:

– أفكر بالذهاب الى الهند.

– ماذا؟ بالطبع انت تهذين قال الجميع

 إلا أنها قالت وبصوت هادئ واثق

– لا انا أتكلم بجدية،

صُعقنا مرة أخرى…. بلد العشوائية والقذارة والكفر ماذا سنفعل هناك ؟ قالت بثقة وملامح الجدية  ما زالت بادية على وجهها

– ألا تريدون مغامرة مشوقة؟؟ وأن نرى واحدة من عجائب الدنيا السبع؟؟ وأن نتسلق أطول سلسلة جبال الهملايا، ألا تودون أن نرى الثقافات الغريبة واستمرت بإقناعنا على هذا المنوال  وبإثارة هذه الأسئلة مستغلة قدرتها المذهلة على الإقناع حتى اقتنع الجميع لكن لا أخفي عليكم اني كنت رافضا للفكرة بشدة لكنني وافقت على مضض وقد قرروا أن تكون مدة الرحلة عشرين يوما لأن بلاد الهند كبيرة وضخمة من حيث المساحة وتحتاج الكثير من الوقت لترى ما بها ….

وهكذا فعلا كان ….ومن هنا استمررنا بالتجهيز حتى حان وقت الرحلة

طريقنا الى الهند

استيقظت من النوم باكرا في هذا اليوم، نزلت إلى المطبخ لأتناول وجبة الإفطار فرأيت أمي تحضر طعاما وملابس وكل المستلزمات الضرورية للرحلة لكنني كنت قد نسيت أننا سنسافر اليوم، سالت امي:

– ماذا تفعلين؟

– كيف نسيت اليوم رحلتنا الى الهند؟ قلت:

–  حقا لقد نسيت فعلا ….فقالت لي:

– حسنا لا بأس…هيا تناول فطورك واذهب واستعد وحضّر نفسك واغراضك لأننا سنذهب باكرا، فأجبتها

– حسنا لا مشكلة،

وهكذا  تناولت فطوري واستحممت وحضرت أغراضي الشخصية وأنا ما زلت  في غاية الدهشة والحيرة …"حقا سنذهب للهند قلت بيني وبين نفسي ما الذي ينتظرنا هناك؟ ماذا سنفعل يا ترى؟"

أسئلة كثيرة قرعت باب أفكاري ولم أجد لها تفسيرا قلت: "حسنا لنرى ماذا سنفعل؟ وكيف ستجري الأمور هناك؟ وبينما أنا شارد الذهن قاطعتني أمي  قائلة

–  هيا ماذا تنتظر؟ علينا الرحيل قلت:

–  حسنا إنني قادم… اتجهنا صوب القطار الذي سيقلنا الى المطار وعندما وصلنا دخلنا اليه كانت مدته ساعتين ونصف الساعة….جلسنا بجانب بعضنا البعض نتبادل أطراف الحديث حول المجهول الذي سيقابلنا وبقينا على هذا الحال إلى أن وصل القطار … يا الهي هل وصلنا بهذه السرعة؟؟ لم نشعر بالوقت أبدا لأننا كنا منسجمين جدا في الحديث،  نزلنا واتخذنا كل الإجراءات اللازمة في المطار وانتظرنا طائرتنا ريثما تصل وعندما حان الموعد صعدنا اليها مستعدين للذهاب….. كانت مدة السفر سبع ساعات خلالها الطائرة قدت لنا وجبات لنأكلها ولعبنا تارة ونمنا تارة أخرى إلى أن وصلت الطائرة إلى الهند … في مطار دلهي الدولي تحديدا …. فقلت بيني وبين نفسي حسنا لنرى ماذا سيحدث  …وليكن ما يكون !!!

يومنا الأول في الهند – مدينة ريشيكش

عندما وصلنا الى مطار دلهي الدولي في الهند انتظرنا مدة ساعتين إلى أن حان موعد الطائرة الداخلية التي ستقلنا الى مدينة ريشيكش بشمال الهند وعندما وصلنا اتجهنا صوب بلد حجيج الهندوس التي تمتاز بشعائرها الدينية المقدسة المدهشة وهناك قابلنا العجب …

أولا ذهبنا الى الفندق لوضع امتعتنا وكي نستريح قليلا بعد هذا السفر الشاق  وبعد بضعة ساعات عندما استرحنا كان لا يزال هنالك متسع من الوقت قلنا وبيننا وبين أنفسنا  لماذا لا نذهب ونرى القليل او ما نقدر عليه من استغلالا لما تبقي من ساعات قليلة في هذه اليوم وبالفعل استجبنا لأنفسنا وذهبنا وهنالك تكلمنا مع المرشد السياحي عن الإمكانيات المتاحة في هذا المساء قال لنا يمكنكم ان تذهبوا الى نهر;الجانجا المقدس وتروا كيف يحرقون جثث موتاهم ماذا كيف يحرقون الجثث؟ يا له من امر عجيب.

في اليوم التالي كان موعدنا الأول مع جبال الهملايا أحد اهم الأسباب التي أتت بنا الى الهند كفانا التأمل والتسبيح فلا عظمة كعظمة الله وخلقة يا له من منظر مدهش تظن انه قد رسم رسما على لوحة رسام تشكيلي، ومن ثم ذهبنا لزيارة بعض معابد الهندوس ورأينا كيف يعبدون الاوثان والاصنام وكيف يقدسون النار بالإضافة الى تجوال البقر بالشوارع دون أي قيود فهي أيضا مقدسة بالنسبة لهم. في المساء ذهبنا لمشاهدة طقوس من نوع اخر حيث انهم يدخلون الى النهر ليتطهروا من كل الذنوب بمساعدة كاهنهم الأعظم الذي كان يلقي تمتمات عليهم غير مفهومة وهكذا يتطهرون من كل الذنوب التي تحيط بهم.

كان الذي رأيناه امرا عجيبا لا يمكن تصديقه فكيف ستكون المدينة التالية يا
ترى.

3

4

في الهند لا وقت ضائع 

في مساء ذلك اليوم كان علينا مغادرة مدينة "ريشيكش" بعد ان قضينا فيها ثلاثة أيام لا تنسى لكن هذه المرة قررنا أن نبتعد قليلا عن الحياة الصاخبة المكتظة بالناس والتوجه إلى القرى الريفية …تلك القرى التي تقع على قمم جبال الهملايا الشاهقة والتي تمتاز بجمال غاباتها وأنهارها وحياتها البسيطة وهذه القرى تحديدا كانت  "كالجا ،بولجا ،تالجا" –   ولكم أن تتخيّلوا الإثارة حين عرفنا أنها سُمّيت على اسم جنيات الغابة الثلاث حسب الأساطير الهندية القديمة – لكن المشكلة هنا أن المسافة بينها وبين مدينة ريشيكش طويلة جدا وتستنزف طاقات هائلة لذلك قررنا القيام بمغامرة جديدة ألا وهي الحافلة الليلية تقلنا إلى هناك والتي  يوجد به أسرة لأن مدة الرحلة تتجاوز ثلاثة عشرة ساعة وهو وقت كثير كما ان الرحلة ستبدأ في ساعات المساء  على المسافرين ان يأخذوا قسطا من الراحة بهذه المدة وبهذه الطريقة لا نشعر بالتعب عندما نصل .

 وبالفعل ذهبنا بالحافلة الليلية وقد كنا مرهقين جدا لذلك نمنا كل هذه المدة وعندما استيقظنا من النوم عند بزوغ الفجر رأينا مناظر لا تصدقها عين… فلا تملك أمام رهبة المكان إلا أن تقول:  سبحان الله الخالق الباري …فعلا كأن الجبال والانهار مرسومة على رقعة رسام فترى الجبال متسلسلة وتغطيها الثلوج وتجري من تحتها الأنهار كان ذلك اشبه بالجنة فهل سيكون هكذا الامر بالقرى الريفية أم لا؟ ستعرف ذلك عندما تقرا عن القرى الريفية التي زرناها يتبع …

"كالجا ،بولجا ،تالجا"

بعدما استقرّت الحافلة في المحطة النهائية ترجّلنا منها،  وهناك كان بانتظارنا سائق سيارة الأجرة والذي كنا قد رتّبنا معه مسبقا الأمر  ليقلنا الى وجهتنا وهنا أيضا كان علينا أن نسافر بالسيارة لمدة ساعتين بعدما نزلنا من  الحافلة لنصل الى مكان إقامتنا، وهكذا ركبنا معه واستمررنا بالصعود الى الأعلى عبر الجبال لمدة طويلة لدرجة أننا لم نعد نرى ماذا يوجد في الأسفل فقد خضنا في غيوم من الضباب الكثيف… لأننا وصلنا الى علو شاهق وشعرنا كأننا انفصلنا عن أرض الواقع وبعد برهة من الزمن وصلنا أسفل الجبل الذي يتواجد به المنزل الذي سنقيم فيه  ويا للعجب …لقد استوعبت في تلك اللحظة أنه ما زال علينا -ولكي نصل إلى أعلى- أن نتسلق الجبل المليء بالحجارة والوحل وروث الحيوانات حاملين على ظهورنا امتعتنا الثقيلة …فقلت في نفسي أحقا هذا ؟؟؟ ….نعم ….لقد كان ذلك صعبا وشاقا ولكننا  وصلنا بالنهاية بسلام وحينها رأينا المنزل الذي سنعيش فيه لم تصدق أعيننا من هول المنظر فالمنزل مصنوع بالكامل من الخشب الطبيعي ويحيط به من كل حدب وصوب أشجار التفاح المثمرة كما أن المنزل …والأهم أنه لا يحتوي على شبكة اتصال للهواتف النقالة وهذا يعني اننا سنعيش ثلاثة أيام كاملة في الطبيعة بعيدًا عن الضوضاء والحياة الخارجية… يا له من شيء مدهش ويسر القلوب ….وبعدها دخلنا الى المنزل ووضعنا أمتعتنا  وطبعا كنا نتضور جوعا بعد عنا السفر والنّقل والسير ….. فطلبنا من مالك المنزل أن يعد لنا الإفطار …نعم هكذا ببساطة وجبة خفيفة لطيفة …. وعندما جاءنا بالطعام  صُدمنا مما رأيناه…

 فالطعام مصنوع بالكامل من المواد الطبيعية التي يهبها الله لأخينا صاحب المنزل والتي يقطفها من مجرد "حاكورة"  مجاورة لكوخه من دون أي إضافات صناعية أخرى عليها …..والحق أقول ….لقد كان الطعام شهيا جدا . 

بعد هذه الوجبة المغذية التي زودتنا بالطاقة والحيوية ذهبنا وبدلنا ملابسنا واستعددنا للذهاب الى جبال الهمالايا الشاهقة الخلابة التي وضع الله فيها عجائب قدرته،  وميّز تضاريسها بالشموخ وجعلها تنظر بعين المتحدي لسائر مخلوقاته… 

وأخيرا …ها نحن ذا  هنا فعلا…. في هذه القرى التي تسر الناظرين اليها يقف انتظارنا المرشد السياحي الذي سيرافقنا وكان شابا لطيفا هنديا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى،  ثم  وبعد أن تبادلنا التحيات اللطيفة انطلقنا في طريقنا وكانت الطبيعة جميلة جدا …ولكن لا أخفي عليك أن المسار كان شاقا وصعبا وبرغم ذلك واصلنا السير وبعد فترة ليست وجيزة   وصلنا إلى قرية نائية صغيرة … سكانها من عبدة الشمس… نعم نعم إنهم كذلك … ولقد ذهلنا للغاية  بتقاليدهم العجيبة الغريبة،  اذ  كانوا يصلّون لها ويتمنون أن تعطيهم من فضلها وتمنّ عليهم بالخيرات ….وإن أنسى كل ما شاهدت  فلن أنسى المرأة التي كانت تحمل سلة القش على كاهلها …وتسير بها رويدا رويدا … إنك لتكاد  تشعر حينها انك تعيش في القرون الوسطى…. تشعر أنك تحيا في التاريخ الذي طالما تعلمته ودرسته في الكتب …لقد بعثت تلك الشعوب وهاي هي صورة تتجسّد أمامك …

 وبعد ان خرجنا من القرية توجهنا إلى مزارع الحمضيات الكبيرة وكانت تجربة رائعة وفريدة من نوعها فرأينا جميع أنواع الحمضيات الشهية وتناولنا بعضها واخذنا ثمرات من كل شجرة وبعد كل هذه المغامرات عدنا إلى المنزل لأن الظلام قد حلّ وكنا مرهقين جدا فلذلك خلدنا الى النوم فما زال أمامنا رحلة شاقة ليوم غد.

اليوم الثاني 

عندما استيقظنا ذهبنا وتناولنا فطورنا "الطبيعي 100% طبعا" وبعد ذلك بدلنا ملابسنا واستعددنا للذهاب إلى غابة الجنيات الواقعة بقرية كالجا …لقد اخترنا التحدي فبدأت المغامرة وانطلقنا اليها وقد كانت عالية جدا وخطرة لكن منظرها خلاب ورائع وهناك رأينا أخطر أنواع الفطر في العالم وكذلك راينا أنواع حيوانات غريبة لم اسبق أن شاهدتها  من قبل رغم أنني زرت الكثير من حدائق الحيوان، مثل بعض أنواع الزواحف وطبعا لم أنس أن التقط صورا تذكارية مع هذه الغابة الخلابة … أذكر يوما أنني قلت مازحا ألم نقرأ أليس في بلاد العجائب؟؟؟ ….ها هي بلاد العجائب 

ومن ضمن المسار افترض أيضا  أن نصل إلى الشلالات العالية الواقعة بقرية تالجا والتي توجّب علينا عبور جسر قديم معلق ومهترئ فوق الشلال مصنوع من الخشب لكي نصل إليها … إضافة إلى أنه  يقع على مكان مرتفع وبدون أي معدات وقد واجهنا مشكلة فيه اذ ارتعبنا قليلا" فماذا لو وقعنا ؟ ماذا سيحدث لنا ؟ …هكذا قلت بيني وبين نفسي" 

لكن مع العزيمة والثقة في النفس ,التحدي والتشجيع  تمكنا بعد عناء شديد من عبوره واتجهنا صوب الشلالات بالفعل كانت شاهقة وخلابة وتستحق كل هذا العناء لرؤيتها .

وبعد ذلك اليوم الشاق المليء بالتحديات عدنا الى المنزل وبعد وجبة العشاء جلسنا سويا نتبادل أطراف الحديث عما رأيناه في هذه القرى الصغيرة الجميلة وتساءلنا يا ترى ما الذي سنراه في المدينة التالية هل ستكون كسابقاتها ام لا؟ لتعرف ذلك عليك ان تقرأ الجزء التالي حيث…

3

6

مدينة منالي

في صبيحة ذلك اليوم كان علينا مغادرة تلك القرى التي ستبقى تطرق باب فكري الى الابد, وستتعطر ذاكرني بأجمل اللحظات والذكريات عندما اسمع بها مرة أخرى وفاءً مني لجمالها ومناظرها الخلابة واتجهنا في هذه المرة صوب مدينة تدعى "منالي " وتعد من المدن السياحية الراقية التي تبتعد عن التقاليد الدينية الغريبة وعن موضوعات الجاهلية وتمتاز بنظافتها كما وانها مليئة بالأسواق الحرفية يدوية الصنع بالإضافة الى العديد من الأماكن المخصصة لتدليك الجسد والمساجات واخترها هذه الأماكن لنرتاح ونشعر بالانتعاش بعد ان تسلقنا الجبال وخضنا الصعوبات في قرى الهملايا الثلاثة السابقة وكانت تبعد عنا سفر ثلاث ساعات بالحافلة.

بعد ان تناولنا افطارنا ودعنا بحرارة أصحاب المنزل الخشبي وانطلقنا في طريقنا نحو منالي وفي منتصف الطريق رأينا أكبر جسر للطاقة الكهرومائية في شمال الهند وقد ظهر عليه انه بني بإتقان تام من بنات

أفكار مهندسين عباقرة وبعدها واصلنا طريقنا نحو المدينة وقبل وقت قليل من وصولنا من هدفنا فاجئنا رؤية الشلالات الشاهقة التي تحيط بها أشجار عريقة وكثيفة وكان منظرا في غاية الروعة وهنا بعد ان جلسنا للاستمتاع بالمناظر الخلابة مدة نصف ساعة كان علينا توديع مرشدنا الرائع الذي لا يتجاوز العشرين من عمره والذي تعونا على رفقته وصحبته الجميلة فقد رافقنا مدة أربعة أيام فقد كان لفراقه لحظات صعبة.

وبعد وقت من الزمن الذي يتعدى الثلاث ساعات وصلنا أخيرا الى مشارف مدينة منالي وقد كان مرشد جديد من سكان المدينة ينتظرنا كما تعودنا عند الوصول الى كل مدينة جديدة.

عند التجوال بالمدينة  لفت انتباهي ان هناك سياح إسرائيليون ذو القومية اليهودية بكثرة ويوجد لافتات مكتوبة باللغة العبرية بكل مكان وكان هذا صدما ليي ,وبعد ذلك دخلنا الى الفندق الذي كانت تفرح منه رائحة البخور الهندية وقد كان نظيفة جدا لدرجة انك ستشعر بالخجل الشديد اذ رميت أي قاذورة هناك ,وبعده استلمنا غرفنا ووضعنا امتعتنا واستحممنا بالماء الساخن ولبسنا ثيابنا الدافئة لان الجو كان باردا وماطرا ومن ثم ذهبنا برفقة مرشدنا السياحي الجديد الى المدينة لكي نرى ما فيها وهناك شاهدنا افخر أنواع الجلود وجرات الفخار والنحاس يدوية الصنع لقد اشترينا بعض الهداية الجميلة للأقارب والأصدقاء بعد ذلك ذهبنا لتناول الطعام وقد كان شهيا جدا وبعد ان جلسنا وتناولنا اطراف الحديث حان وقت النوم فأمامنا يوم شاق مليء بالتحديات والمغامرات غدا وخلدنا الى النوم .

في صباح اليوم التالي ارتدينا ثيابنا واستعددنا للذهاب في سبيلنا لكن قبل ذلك ذهبنا وتناولنا فطورنا ثم انطلقنا في وجهتنا نحو الجبال العالية المليئة بألعاب التحديات وفي طريقنا مررنا بنفق طويل جدا احتجنا لعبوره اكثر منت نصف ساعة بالحافلة وبعدها وصلنا وقد كانت المنطقة التي نتواجد بها على الحدود النيبالية وهناك توقفنا وشاهدنا مناظرا طبيعية خلابة ورائعة مثل قمة جبل مكسو بفراش ابيض من الثلج وهناك ارتدينا الثياب الشعبية التي هي من الفلكلور الشعبي وقد كانت جميلة جدا ولم ننسى ان نلتقط بعض الصور ونحن نرتديها بعد ذلك صعدنا الى الحافلة وتوجهنا الى محطتي المفضلة العاب التحديات التي كنت اتحرق شوقا لتجربتها وعندما وصلنا نزلنا بسرعة البرق وكان التحدي الأول هو لعبة تدعى "اوميجا" التي تكون فيها مربوط بشيء يحملك على حبل فولاذي ويجرك ويمر بك بسرعة الى الجهة الأخرى من النهر وقد كان عاليا جدا لكنني لم اتردد للحظة بتجربتها فليس كل يوم تتاح لي تجربة كهذه وقد كانت تجربة فريدة ورائعة بكل ما تعنيه كلمة من معنى وبعد ذلك ربنا ركوب الدراجات الرباعية وقد مررنا بغابات الصنوبر الكثيفة وكانت تجربة مشوقة جدا ولعبا أيضا العديد من الألعاب المختلفة …وبعد ان انتهينا توجهنا نحو مكان للعصائر الطبيعية المنعشة لكي نشرب فقد كان الجو حارا جدا

في ذلك اليوم وبعد ان انتهينا عدنا الى الفندق نحزم امتعتنا وتحضيرها فغدا علينا مغادرة المدينة المرتبة النظيفة وبعدها خلدنا الى النوم …

يا ترى ماذا سنرى في المدينة القادمة؟ هل ستكون جميلة ام لا؟ لتعرف كل ذلك عليك ان تقرا الجزء التالي حيث …سنبقى مع مغامرة جديدة ويوم اخر من الرحلة.

32

23

مدينة دراماسالا

في الصباح الباكر عندما استيقظنا من النوم كان علينا مغادرة مدينة "منالي التي ستبقى محفورة في ذاكرتي الى الأبد فلن انساها ابد الدهر لما فيها من غرائب وعجائب وتجارب فريدة من نوعها. وكان علينا التوجه الى مدينة تدعى "دراماسالا" التي تمتاز بسكانها الذين يدعون التبيت الفارين من الحكومة الصينية ويغلب على طابعها الثقافة البوذية كما انها محاطة بغابات الأرز على حافة جبال الهمالايا وهي ذات بيئة خضراء مليئة بالأنهر والبحيرات والشلالات وهي مدينة سياحية يقطبها الناس من كل حدب وصوب ليروا ماذا يوجد في جعبتها من مغامرات واشياء مدهشة نعم فما ذكرته قبل قليل لا يعتبر سوء جزءا صغيرا من هذه المدينة الجميلة وان اردت ان تعلم عن هذه الأشياء فأبقى معي في هذه المغامرة المشوقة وكانت الطريق تبعد عن منالي تسعة ساعات بالحافلة وبعدها استعددنا وبدلنا ثيابنا وتناولنا طعامنا ثم توجهنا صوب المدينة مع امتعتنا وبعض الطعام لان الطريق كان طويلا وعندما دخلنا الى الشارع الذي سنمر به المتوجه صوب المدينة صدمنا جميعا فقد كان على حافة جبل عال وشاهق وكان خطرا جدا لكن تمالكنا اعصابنا لكن المدهش أكثر هو عندما راينا قرودا على طول الطريق وكان هذا لطيفا وبعد عدة ساعات وصلنا الى المدينة وذهبنا الى الفندق وارتحنا قليلا بعد السفر الطويل وبعد ذلك ذهبنا وتجولنا في شوارع المدينة وراينا سكانا يرتدون لباسا أحمر اللون في كل مكان , وهؤلاء بلا شك رجال الدين في الديانة البوذية التيبتية. شاهدنا أناسا يصنعون الاواني النحاسية والخزفية الجميلة وطبعا لم ننس ان نقتني بعضها لتبقى ذكرى جميلة من هذه البلاد الواسعة لكن لسوء الحظ وصلنا متأخرين في هذا اليوم الى المدينة ولم نر الكثير لكن لا باس فأمامنا ثلاثة أيام أخرى في هذه المدينة وسنرى فيها الكثير وسأرويها لك لحظة بلحظة واخبركم ماذا فعلت بها.

في صباح اليوم الأول عندما استيقظنا من النوم جهزنا أنفسنا وارتدينا ثيابنا لنذهب ونرى المدينة. وفي البداية صعدنا السلال المعلقة التي ستصعد بنا الى جبلا باسق الارتفاع الذي يتواجد فيه أحد أكبر واهم المعابد التيبتية لنرى ماذا يفعلون هناك وبعدها صعدنا السلال وقد قضينا عشرين دقيقة ونحن نغذي أنظارنا بالمناظر الخلابة والبيئة الجميلة. وقد انتابني شعور رائع وانا اشاهد هذا المنظر, وبعدها وصانا الى ألمعبد  ألكبير ودخلنا اليه وقد كان اية في الجمال والروعة من ناحية التصميم وكان مزخرفا ومليئا بالأحجار الكريمة, وفيه عدة غرف في كل واحدة منها يقومون بعمل حرفة معينة وستخدمون المال الذي يجنونه لأجل المعبد والغرفة الأولى التي زرناها كانت غرفة صهر النحاس وكان منظر صهر النحاس شيئا رائعا لم اره من قبل ,فدهشت من طريقة الصهر والصناعة والغرفة التي تليها كانت من اجل الاعمال الخشبية وحين دخلنا راينا العديد من الماكنات والأيدي العاملة في الداخل وقد كانوا يصنعون العديد من الاعمال الرائعة مثل الطاولات المزخرفة وكان عملهم رائعا ومتقنا ,وسعدت عندما شاهدتهم هم يعملون اما الغرفة الثالثة فقد كانت الأجمل من بينها حيث كانوا يرسمون لوحات فنية باستخدام الألوان الطبيعية وكانوا يرسمون شخصيان ومناظر مستوحاة من عالمهم ودينهم, وشاهدت رسمات جميلة ومذهلة وعندما انتهينا  عدنا بالسلال مرة أخرى الى الأسفل وذهبنا الى مطعم وتناولنا عشاءنا وبعدها ذهبنا وخلدنا للنوم فأمامنا يوم شاق وعلينا أن نرتاح .

في اليوم التالي عندما استيقظنا من النوم ذهبنا وارتدينا ثيابنا لنذهب الى مزارع الشاي العملاقة ,كانت تبعد عنا القليل من الوقت لذا حين جهزنا حملنا أمتعتنا وذهبنا إلى هناك , وحين وصلنا ذهلت من هول المنظر فقد كان الشاي أو بالأصح نبات الشاي موجودة في كل مكان فاذا نظرت اليها من فوق ستشعر بانك تشاهد بساطا اخضر يغطي الأرض, كانت رائحتها تملا المكان وتفوح في الارجاء وطبعا شربنا الشاي وكان لذيذا جدا وتذوقت عدة أنواع منه واشترينا العديد منها وبعدما انتهينا ذهبنا لنرى شلالات بهاجسو الرائعة وقد كانت على ارتفاع كبير ومنظرها يسر الناظر كما وانها محاطة بالأشجار الخضراء من كل حدب وصوب وكان هذا رائعا جدا, وبعد  ذلك ذهبنا الى مكان لبيع العصائر الطبيعية المليئة بالفيتامينات ,وقد كان منعشا جدا وبعدها ذهبنا الى البيت كي نستريح بعد هذا اليوم المتعب المفعم بالتحديات.

في صباح اليوم الثالث كان علينا أن نسرع ونرتدي ملابسنا ففي منتصف اليوم سنغادر هذه المدينة الرائعة،  ولكن قبل ذلك ذهبنا في مسار للمشي في الوقت المتبقي لدينا وفيما نحن في وسط الطريق وجدنا أكبر امرأة معمرة في المدينة التي يتجاوز عمرها المئة وثلاث سنين وقد كان هذا مدهشا، واصلنا المشي الى أن انتهينا من المسار وبعدها ذهبنا وحزمنا أمتعتنا لنذهب الى مدينة أخرى وان أردت معرفة المزيد من الأماكن التي زرناه أنصحك بقراءة الجزء الذي يليه

مدينة أمريستار

في ذلك اليوم كان علينا مغادرة مدينة "دراماسالا" التي ستبقى ذكرياتها الجميلة تراودني إلى الأبد وستعطر ذاكرتي بأجمل اللحظات والذكريات كلّما أسمع بها مجددا لجمالها وروعتها، حيث كان علينا التوجه صوب مدينة تدعى "أمريستار" تمتاز بمناظرها ومبانيها وثقافتها إذ كانت تعتبر مركزا روحيا لديانة السيخ التي يدعى معتنقوها بالبنجاب، كما وأنها تعد مركزا سياحيا تستقطب الناس من كلّ حدب وصوب لأنها تحوي العديد من المباني والمميزات التي تجذب الزوار وهي من أهم مدن البنجاب التي تقع شمال غرب الهند أي على  الحدود الباكستانية، كما وأن لها العديد من المميزات الأخرى وإن أردت أن تتابعني لمعرفة هذه المغامرات الرائعة التي مررت بها هناك فتابع سرد المذكرات للنهاية ولا تفوّت منها شيئا !

كانت الطريق طويلة فهي تبعد عن "دراماسالا" حوالي خمس ساعات بالحافلة لذا ذهبنا وبدّلنا ملابسنا وتناولنا طعامنا ثم توجهنا صوب المدينة مباشرة وفعلا وصلنا إلى المدينة لكننا لم نذهب إلى الفندق لأننا كنا سنمكث هناك ليلة واحدة وكان علينا استغلال الوقت جيّدا لذا توجهنا إلى المعبد الذهبي الذي يعد من المباني والآثار المدهشة المميزة في كل دولة الهند وفعلا، عندما وصلنا ذهلنا من المنظر فهو مبنى ذو هندسة معمارية رائعة منقطعة النظير، فقد استخدمت في بنائه أساليب هندوسية مسلمة والأهم من ذلك أنه معبد رخامي مربع الشكل ذو قبة ذهبية، وهو بالإضافة إلى ذلك مركز  للحجيج السيخ يصلونه لكي يقوموا ببعض طقوسهم  تقاليدهم وعندما دخلنا صدمنا أكثر عندما رأينا بحيرة كبيرة داخل المبنى  ينتصب فيها معبد مصنوع من الذهب الخالص وزنه يقدر بالأطنان وسعره لا يقدر بثمن  نقشت عليه بحرفية كلمات كتابهم المقدس الذي يجمع بين العديد من العقائد المختلفة ومن الجدير بالذّكرأنها ديانة توحيدية وهناك رأيت بعض طقوسهم حيث رأيتهم يدخلون إلى البحيرة ويغمرون أنفسهم بالماء كنوع من التطهير الجسدي والروحي في ديانتهم ومع كل هذا إلا أن العجائب ما زالت تنهمر علينا فقد عرفت أن فيه  أكبر مطبخ في العالم يستطيع أن يطعم أكثر من اثنين وعشرين ألف شخص مجانًا في غضون ساعة، إنه فعلا لأمر عجيب كما علمت أن العاملين هناك  يعملون طوعًا   ويفعلون ذلك بمحض إرادتهم وطبعا كان هناك الكثير من الغرف الضخمة للطبخ هناك، وقد رأيناهم وهم يطبخون وكان هذا مدهشا ورائعا، ولم نتنازل عن فكرة تناول بعض الطعام طبعا لنخلّد اللحظات وبالفعل كان لذيذا جدا .

وهكذا وبعدما انتهينا عدنا إلى البيت كي نخلد إلى النوم فقد كان هذا اليوم شاقا وصعبا  ومثيرا بنفس القدر وكان لا بدّ لنا أن نرتاح قليلا فالغد قريب  وما زال لدينا الكثير لفعله

حلّ صباح اليوم الثاني… استيقظنا باكرا … بدلنا ثيابنا… وتناولنا فطورنا … واستعددنا للذهاب الى العرض العسكري الذي يقع على الحدود الباكستانية .. يا إلهي …كم هذا مثير …كيف سيكون هذا العرض…الحقيقة أنني لم أكن أعلم …كل ما عرفته أنه يجري كل يوم من الساعة الخامسة للساعة السادسة حيث تعرض كل مجموعة من الدولتين قوتها العسكرية وتحاول أن تظهر بشكل أفضل من الآخر أمام آلاف المشجعين وعندما ذهبنا إلى هناك صدمنا واصابتنا الدهشة.

ففي البداية تنزل النساء فقط كي ترقص في الساحة الكبيرة وبعدها يأتي العرض التقديمي الذي يبدأ مع موسيقى ويكون مرتبا ترتيبا رائعا ومذهلا حيث ينزل الجنود ويقومون بحركات استعراضية جميلة ومنظمة تدلّ على مدى انضباط الجيش في كلا الطرفين وبالفعل استمتعنا كثيرا، وبعدها خرجنا وتجولنا في الشوارع وتناولنا بعض المقبلات اللذيذة مع العصائر الطبيعية واقتنينا بعض المشتريات فلا بدّ من ذلك! ثم ذهبنا إلى الفندق وحزمنا أمتعتننا  ورحلنا عن هذه المدينة الجميلة الخلابة.

مدينة أغرة

في ذلك اليوم كان علينا مغادرة مدينة "أمريستار" التي ستبقى راسخة في بالي  ولن أنساها أبد الدهر ربّما لروعتها أو لجمالها أو لأحداثها المميزة أو لمعبدها  الساحر…  لست أدري كلّ ما أعرفه أنها حفرت في ذاكرتي ..تركتها بحسرة  وأنا أتساءل هل سأعود إليها يوما؟؟ !

كان علينا التوجه صوب مدينة جديدة تدعى "أغرة" التي تمتاز بأحد أجمل وأعرق الأماكن عبر التاريخ والذي يصنف بقائمة عجائب الدنيا السبع، نعم نعم ..إنه تاج محل لكنني لن أخبركم عن صفاته ومميزاته الآن لكي تستمتعوا بينما أنتم تقرؤون

بعد قليل  سأزوره معكم وستعلمون لماذا يصنف في هذه القائمة …كانت الطريق طويلة وتبعد آلاف آلاف الكيلومترات عن مدينة أغرة لذا ترتب علينا استقلال طائرة داخلية كي نصل إلى هناك لهذا توجهنا إلى مطار مدينة "أمريستار" ومن ثم دخلنا الى هناك وبعدما قمنا بجميع الإجراءات الأمنية اللازمة صعدنا للطائرة وكانت مدة الرحلة ساعة واحدة في الجو رأيت مناظر خلابة ورائعة من حقول وبيوت ثمّ سرعان ما وصلنا إلى المدينة لكننا لم نتسكع كثيرا فأمامنا يومان فقط في هذه المدينة لذلك ذهبنا الى الفندق ووضعنا أمتعتنا ثم عزمنا الأمر على وجهتنا الأهم ألا وهي "تاج محل" ومن منّا لم لا يتمنّى أن يزور هذا المقرّ؟؟ … وصلنا أخيرا فذهلنا من روعة المنظر فقد كان أمامنا مبنًى ضخمٌ مصنوعٌ بالكامل من الرخام الأبيض النفيس المرصع بالعديد من الجواهر، لكن ليس هذا  ما جعله واحدًا من عجائب الدنيا السبع بل لأنه يوجد فيه سرّ عظيم وصعب التصديق فتاج محل مبني بصورة وفن معماري رائعين فقد اكتشفوا مؤخرا انه مبني من جهتين ففي القصر أربعة أوجه وساحتان ومسجدان في كل طرف والغريب أن كلأ واحد منها عبارة عن  نسخة طبق الأصل من الآخر أي  بنفس عدد الحجارة الثمينة ونفس المواد وبنفس المقاييس والعرض  وإذ ادخلنا مرآة لأحد طرفي القصر سنرى بالضبط الجهة الأخرى وهذا شيء لا يصدق أن تٌبنى جهتان في ذلك العصر واحدة طبق الأصل من الأخرى بدون إضافة سنتمتر واحد او حتى حجر واحد وقد لا أبالغ إذا قلت أنه حتى أحدث التقنيات والماكينات اليوم لا يمكن أن تقوم بعمل بهذه الدقة المعمارية الرائعة وصراحة كل التقدير والجهد لمن شيده فهذا أمر عجيب ولا يمكن أن أصفه بالكلمات أبدا ومهما حاولت فلن استطيع ان أفيه حقه ويكفي أن أذكر أنه مبني من الرخام وفيه أكثر من ثلاثين حجر كريم كل واحد من دولة مختلفة وإن نسيت أشياء فلن أنسى أن أقول أن أغلب من  عمل به وشيّده كانوا من دولة ايران بأمر من الملك المغولي "شاه الدين جهشان" وأنه أنما أقيم تقديرًا لزوجته وحبيبته "ممتاز محل" فهذا المكان ليس قصرا أو مبنى عاديا إنما هو ضريح للملكة "ممتاز محل".

 وعندما دخلت إلى الداخل رأيت تقديرا للعمل الرائع والجهد العظيم الذي بذله العمال في بنائه فقد أعطى لهم ولجميع سلالتهم وابنائهم وأحفادهم ميزة خاصة وهي أنه مسموح لهم هم فقط الصلاة داخل المسجد الموجود هناك كل يوم جمعة بأمر من الحكومة الهندية.. حقا لقد شعرت بالغبطة والسرور لزيارة مكان كهذا وطبعا لن أنسى ما رأيت ابدا وسأبقى أذكر لأحفادي زيارتي لهذا المكان بكل فخر.

وبعد ان انتهينا من زيارة المكان خرجنا وذهبنا إلى الفندق كي نرتاح فأمامنا سفر طويل في اليوم التالي.

في الصباح الباكر عندما استيقظنا من النوم استعددنا بعد أن تناولنا طعامنا وحزمنا أمتعتنا ومن ثم ذهبنا إلى مكان رائع لأحد أحفاد الرجال الذين عملوا في تاج محل وهو تحديدا مَن كان يصنع الطاولات والأواني وأشياء رائعة أخرى من الأحجار الكريمة التي استخدمت في بناء "تاج محل" وقد كان منظرها رائعًا وخلابًا كما وأنها غالية الثمن ورأينا هناك طاولات شطرنج مع حجارتها مصنوعة من العقيق وقد أحببتها جدا ثم رأينا الأواني وقد كانت جميلة جدًا وما لبث أن مضى الوقت كرمشة عين وكان علينا الرحيل عن هذه المدينة الرائعة والتوجه نحو مدينة دلهي ….مدينتنا ومحطتنا الأخيرة فتابعوني….

مدينة دلهي

 نعم …كالعادة نقوم باكرا ..نستعد ونتوجه صوب مدينة دلهي عاصمة الهند التي تمتاز بتطورها التكنولوجي والثراء الفاحش وأيضا بعراقتها  فهي مدينة عريقة جدا ذات تاريخ وأمجاد ويوجد بها العديد من الأماكن الأثرية،  نعم فهذه المدينة هي مزيج من الحضارات الحديثة والحضارات القديمة وكانت الطريق تبعد عن مدينة دلهي خمس ساعات في الحافلة لذلك استعددنا وبدلنا ثيابنا وتناولنا الفطور واتجهنا نحنو المدينة وقد كان الطريق جميلًا جدًا وتحيط به الأشجار والورود كما وتستطيع رؤية سلسلة جبال الهمالايا تلوح من بعيد فيضيف روعة للطريق ليصبح  المنظر خلابا للألباب حقا … وبعد بضع ساعات وصلنا إلى المدينة ولا أخفي عليكم أنه عندما دخلنا إلى دلهي الجديدة شعرنا أننا لسنا في دولة الهند أبدا  لما رأيناه هناك فحتّى اللحظة لم نعتد أن  نرى هنا ناطحات سحاب وشاشات عملاقة ونظافة لا مثيل لها وأماكن تجارية عالمية فعلا فقد بدا هذا غريبا بعض الشيء لكن دهشتنا لم تقف عند هذا الحد فعندما وصلنا إلى الفندق أُخِذْنا  بما شاهدناه فقد كان الفندق غريبا حقا …آية في الروعة والجمال وتفوح منه روائح العطور الغالية الثمينة كما وأنه يتمتع بجميع خدمات السلامة الممكنة وأماكن رائعة للاستجمام وكل شيء فيه يعمل بواسطة التكنولوجيا فعلا كان فندقا متكاملا من جميع النواحي ولهذا قلت أنه كان غريبا فنحن ما توقعنا ذلك بعد تجاربنا في باقي المدن التي مررنا بها حتى اللحظة  ….ألا يقولون ختامها مسك؟ …..سأقول لكم "ختامها أحلى من المسك"  …باختصار ذهبنا كي نسبح ونلعب قليلا بعد هذه الرحلة الشاقة وبعد أن انتهينا ذهبنا وتناولنا غداءنا وارتدينا ثيابنا وخرجنا قليلا كي نتنزه في المدينة الحديثة وقد راينا أماكن رائعة وعندما انتهينا ذهبنا الى مطعم لتناول وجبة العشاء وقد كان مذاق الطعام لذيذا جدا وبعد انتهاءنا عدنا الى البيت وخلدنا للنوم فغدا سنرى أماكن كثيرة في دلهي الحديثة وعلينا ان ننال قسطا من الراحة .

في صباح اليوم التالي استيقظنا وارتدينا ثيابنا وتناولنا إفطارنا واستعددنا للذهاب وقد قررنا أن نزور معبد زهرة اللوتس "معبد البهائيين" الذين يؤمنون بآلهة الجمال وعندما وصلنا ذهلنا من المنظر فقد كان مبنًى رائعًا صُمّم بحرفية شديدة ودقة متناهية كما ثم إن حجمه الضخم جعله أكثر جمالًا… حقا لم نرَ شيئا بهذه الروعة من قبل وحين دخلنا إلى هناك شاهدنا قاعة كبيرة يجتمع فيها معتنقو هذه الديانة وبعد أن انهينا جولتنا  فيه قررنا زيارة متحف الدمى ورأينا هناك كيف كانت اشكال الدمى قديما وكيف كانوا يصنعونها ولم ننسَ أن نشتري البعض منها للذكرى كما وكان لا بدّ لنا من المرور على متجر التوابل المعروف هناك فالهند بلد التوابل … واشترينا بعضها أيضا وكالعادة كان الاختتام في متاجر الملابس والأحذية كي نقتني بعضها ثم عدنا إلى الفندق واسترحنا قليلا وتناولنا العشاء ومن ثم خلدنا الى النوم فأمامنا يوم شاق غدا.

في صباح هذا اليوم استيقظنا باكرا وقررنا زيارة دلهي القديمة في آخر يوم لنا في هذه الدولة لذلك ومن باب الانسجام مع الأجواء اخترنا   أن نذهب إلى هناك بوسائل النقل التقليدية لديهم  لذا صعدنا على دراجات هوائية مع بعض السائقين وكان ذلك الشعور غريبا ورائعا ….شعور بالانطلاق ممزوج  بالريبة …ريبة محببة تسيطر عليك فتخوض فيها وتكمل …وبكل هذه المشاعر وصلنا للبلدة القديمة .. اتجهنا في البداية إلى المسجد الكبير وكان منظره خلابًا من الخارج ودخلنا وإلى هناك وقابلنا الإمام الذي شرح لنا ما بداخل المسجد فأخبرنا العديد من القصص عنه وصلينا هناك صلاة الجمعة وعندما انهينا فرضنا  خرجنا وركبنا الدراجات الهوائية مرة أخرى متوجهين وذهبنا إلى متاجر النحاس القديمة واقتنينا بعض الأغراض،  أما أنا فقد وجدت ضالّتي أخيرا ففيما نحن نتجول في المكان وقع بصري على طاولة شطرنج قديمة مصنوعة بالكامل من النحاس الخالص فطار عقلي عندما رأيتها  لذلك اقتنيتها وخرجت من المكان والفرحة تغمرني وبعدها مررنا بجانب قصر قديم رائع الطراز لكننا لم ندخل لأن الوقت  تأخر كثيرًا  وعلينا الذهاب إلى والطيارة لن تنتظر فلا بدّ لنا من مغادرة دولة الهند التي لن انسى مغامراتي بها إلى الأبد وسأذكر كل لحظة عشت بها هنا فهي من أروع تجارب حياتي ومن أجمل الأماكن التي زرتها على الأطلاق…

رحلة علمتني كيفية التعامل بجميع الظروف والمواقف في هذه الدنيا وغيرت نظرتي تجاه العالم تمنيت البقاء هنا لمدة أطول لكن شوقي لوطني يناديني لذلك أريد ان أعود وسأحمل معي الى هناك الكثير من الذكريات الرائعة التي لن أنساها  طوال العمر    

الهند

 

معكم أحمد خطيب الصف الثامن د